الأربعاء، 16 يوليو 2014

كيف تتخلص من المشاعر السلبية؟؟



المشاعر السلبية اصبحت تؤثر علينا دون مقدمات وربما يكون من أكثر الكتب مبيعاً على مستوى العالم اليوم ما يدور حول البرمجة اللغوية العصبية، ولو طالعنا هذه الكتب أو بعضاً منها نلاحظ أن علماء هذه البرمجة يقترحون طريقة عملية لعلاج الخلل في النفس البشرية، مثل الفشل والاكتئاب والمشاعر السلبية وغير ذلك.


إن الطريقة الناجحة والأكثر استخداماً من قبل المعالجين والمحاضرين هي أن يجلس الشخص الذي يعاني من مشاعر سلبية ويضع ورقة وقلماً ويفكر بعدد من المشاعر السلبية الموجودة فيه، أو التي يحس بها، ثم يكتب عدة مشاعر إيجابية يطمح إلى تحقيقها ويظن بأنها تحقق له النجاح. الآن يبدأ بالتفكير بما دوَّنه من مشاعر سلبية وما تسببه له فيما لو استمر تفكيره على هذه الحال، يبدأ بتخيل المواقف الصعبة التي سيمرّ بها فيما لو ظل الحال على ما هو عليه من انفعالات سلبية وتصرفات قد تسيء له. يتصور نظرة المجتمع له وهو يحمل هذه الاعتقادات والأحاسيس السلبية، يحاول أن يتخيل ردود أفعال المجتمع المحيط به على ما يحمله من أفكار سلبية منفّرة.

بعد ذلك ينتقل إلى المشاعر الإيجابية والأفكار التي يحلم أن يحملها والصفات التي يود أن يتحلى بها، يفكر بنتائجها الإيجابية، يفكر بما ستقدمه له من استقرار نفسي وجسدي، ويتصور الحالة التي سيكون عليها فيما لو تحلى بهذه الصفات الإيجابية.

يحاول أن يتخيل حجم الفوائد التي سيجنيها من المشاعر الإيجابية وكيف ستتغير نظرة من حوله إليه، يتخيل مدى محبة الآخرين له وكيف سيكسب احترامهم وتقديرهم وثقتهم به.

وفي هذه الحالة سوف تتفاعل هذه الأفكار وتنفذ إلى العقل الباطن ويبدأ التغيير باتجاه الأفضل، فالنفس البشرية بطبيعتها تميل إلى حب النجاح وحب الاستقرار وحب الأمل.





لماذا يختار المعالجون هذا الأسلوب؟



هذا سؤال لا بدّ منه، فعلماء البرمجة اللغوية العصبية يفضلون هذا الأسلوب لعدة أسباب أهمها النتائج العجيبة التي يقدمها، فقد ساهم هذا الأسلوب في علاج آلاف البشر وتحسين أدائهم وساهم أيضاً في تحويلهم من أناس سلبيين لا يقدمون أي فائدة لأنفسهم أو لمجتمعهم، حوّلهم إلى أناس إيجابيين امتلئوا بالأمل والمحبة، وأصبحوا يحققون نجاحات مبهرة في حياتهم.

لقد درس علماء البرمجة الكثير من الأناس الناجحين مادياً، فوجدوا أنهم يتبعون هذا الأسلوب في حياتهم، فتجدهم يتخيلون النجاح الذي سيحققونه وما ينتج عنه من فوائد، ويتخيلون بنفس الوقت الفشل وما ينتج عنه من عواقب، فتجدهم يبذلون جهداً مضاعفاً لإبعاد أي فشل عنهم ولكسب النجاح باستمرار.

إن علماء النفس وجدوا أن الإنسان يستجيب لأسلوب الثواب والعقاب. وأن طاقة الإنسان الكامنة كي تتحرر لا بدّ من أهداف تضعها أمامها وتعمل على تحقيقها.

وباختصار فإن هذه الطريقة تعتمد على تصور النواحي السلبية والنواحي الإيجابية في نفس الوقت، وترك النفس لتختار الناحية الإيجابية وتتفاعل معها. ولكن ماذا عن كتاب الله تعالى؟





هل تحدث القرآن عن هذا الأسلوب؟

إن الذي يتأمل كتاب الله تعالى يلاحظ أنه استخدم هذه الطريقة في علاج الفشل لدى البشر، وعلاج المشاعر السلبية وتحويلها إلى مشاعر إيجابية. وهذا نجده في كل القرآن وليس في آية محددة. وسوف نستعرض مثالاً من كتاب الله تعالى ونرى التفوق الكبير للقرآن على العلم الحديث.

لقد قدّم لنا القرآن تصورات كثيرة إيجابية وسلبية وعرضها أمامنا وكأننا نراها، ثم عرض لنا النتائج التي تسببها ثم ترك لنا حرية الاختيار. حتى إننا لا نكاد نجد آية تتحدث عن الجنة إلا ومعها آية تتحدث عن النار، ولا نكاد نجد آية تتحدث عن العمل الصالح ومحاسنه، إلا وتليها آية تتحدث عن العمل السيئ وعواقبه وسلبياته.





كيف عالج القرآن الفشل واليأس؟

ماذا يمكن لإنسان فقد الأمل من كل شيء أن يفعل؟ كيف يمكن له أن ينجح في الدنيا والآخرة؟ ينادي الله تعالى هؤلاء اليائسين الذين أسرفوا على أنفسهم وارتكبوا المعاصي، يناديهم نداء مفعماً بالرحمة، يقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [الزمر: 53-54].

في هذا النداء يأمر الله هؤلاء اليائسين بألا يفقدوا الأمل من رحمة الله تعالى، ويخبرهم بأن الذنوب والفشل والمعاصي وكل أنواع الإسراف التي ارتكبوها فإن الله تعالى يمحوها بلمح البصر بشرط أن يرجع الإنسان وينيب إلى الله تعالى بقلب سليم!

ثم يحذرهم من عذاب سيأتيهم إن لم يفعلوا ذلك وويرجعوا إلى الله ويتوبوا إليه. إذن تأمل معي كيف جاءت الآية الأولى بخبر إيجابي والآية الثانية جاءت بخبر سلبي، فالآية الأولى تتحدث عن مغفرة الله ورحمته، وعدم اليأس: (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ). أما الآية الثانية فتحذر من عواقب عدم الرجوع إلى الله وأن العذاب سيأتي: (وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ).

ثم تأتي الآيات التالية لتصور لنا نتائج الأعمال السلبية إذا بقينا عليها، وتأمرنا بتغييرها فوراً، يقول تعالى: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الزمر: 55]. وتأمل معي أخي الحبيب الأمر الإيجابي (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) ويليه مباشرة النتيجة السلبية المؤلمة لمن لا ينفذ الأمر الإلهي (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).

ثم تأتي مرحلة التصور لنتائج الفعل السلبي من خلال آيات مرعبة، تصور لنا هذه الآيات احتمالات متعددة لنتائج سلبية مؤكدة الحدوث فيما لو لم نستجب للتغيير الإيجابي الذي يأمرنا القرآن به، يقول تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 56-60].


شارك موضع مع اصدقائك *ياسين *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق